|
::: ثلاث صــور محـــزنة ! ::: يوم :2018-07-07
|
|
ثلاث صــور محـــزنة ! |
|
|
كان كل شيء يبدو
جميلا بعض الشيء، في بلاد يحتفل بذكراه الـ 56 لاسترجاع سيادته الوطنية، باستثناء حالة
التقشف التي يبدو أنها أثرت كثيرا على الجزائريين خلال السنوات الأخيرة وتمظهرت في
عدة أشكال وصور، فضلا عن قضية البوشي وباخرة الكوكايين التي شغلت الرأي العام
الوطني والدولي خلال الأيام الماضية، إلى هنا كان كل شيء سيكون عاديا في 5جويلية
2018، قبل أن تجتاح تلك الصورة البائسة القادمة من عمق البلاد، وبالضبط من مدينة
طولقة بولاية بسكرة، لطفل صغير يحمل باقة الورد وينتعل حذاء ممزقا، يتقدم كوكبة من
المسؤوليين المحليين للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة !
صورة الطفل وكأنها تلخص حال الطبقات الهشة في البلاد، بشكل أو بأخر، حيث
بدى الفتى بنعل رث وممزق، يتقدم مجموعة مسؤوليين محليين، لم يكلفوا أنفسهم عناء
النظر إلى نعليه على الأقل حتى يتعرفوا على حاله جيدا، فقط تم التقاطه من الشارع، واستغلاله
لحمل الورد من أجل حفلة عيد الاستقلال !سؤال بسيط تبادر إلى ذهني وربما إلى ذهن الكثيرين من
الذي شاهدوا تلك الصورة، ماذا لو كان هذا الفتى إبن أحد المسؤوليين في هذه المدينة؟،
هل سيقبل أن يظهر إبنه بهذه الصورة البائسة؟ أم أنه لا جرم ما داما طفل من عائلة
متواضعة وفقيرة من الجزائر العميقة، يكفي منحه باقة ورد للاحتفال بذكرى دفع
الجزائريون مليون ونصف مليون شهيد لاسترجاع أرضهم !
حاول رئيس بلدية طولقة، جعل كلماته أبلغ من الصورة !، ونسف المثال
القائل الصورة ابلغ من ألف كلمة ، فرد على الضجة بطريقته وأتهم المسؤول
المحلي طبعا وبدون خجل أطرافا قامت بالترويج لهذه الصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع
تعليقات موجهة من أجل أغراض شخصيا على حد قوله، وكأنه يرغب في القول انه لا
يتوجب تصوير ذلك الفتى حتى وأن رأيتموه
يموت جوعا من أجل حفظ ماء وجوهنا نحن المسؤولين المحليين ويستوجب على الجميع
التصفيق على منجزاتنا الفارغة !، وهذا بدل أن يتحمل هو مسؤولية أطفال يعيشون تحت
جناحه بنعال ممزقة !!
مير طولقة سرد أيضا تفاصيل
الحادثة بروايته الرسمية التي وقعت بحضور رئيس الدائرة، قائلا لما كنا نهم
بدخول المقبرة أصر الطفل الذي كان موجودا في المكان والظاهر في الصورة على حمل إكليل
الزهور، وقد لبينا طلبه دون مناقشة ولم يكن الموقف أو الوقت يسمحان برفضه أو حتى
تغيير حذائه.
وبشأن الوضعية
الإجتماعية للطفل أكد المتحدث أن والد الفتى المدعو (منصر فرحات) قد كان حاضرا في
الحادثة وهو ينتمي لقوات الدفاع الذاتي وحالته الإجتماعية مقبولة، غير أن سكنه
خارج الوسط الحضري أو قدومه من مزرعته للاحتفالية مباشرة قد يكون سببا في ظهور
الطفل بتلك الهيئة.
تبريرات مير طولقة
صادمة أكثر من الصورة في حد ذاتها، حيث حاول توجيه الرأي
العام ببعض كلمات وإعطائه قراءة أخرى لتبديد
بلاغة الصورة و تغطية الشمس بالغربال !! عن وضعية بعض المواطنين الذين يقطنون في هذه المدينة ! .
تبريرات
المير نسفتها صورة ثانية لمسؤول محلي أخر أشرف
على سباق لفتيان صغار وهم حفاة لتكتمل صورة البؤس التي يرسمها بعض
المسؤوليين المحليين عن البلاد، في عصر السموات المفتوح ومواقع التواصل الاجتماعي،
التي تنشر كل شيء مهما كان بسيطا، وتهدم أشياء عظيمة بجرة قلم، وبصورة مسربة،
ولتفادي أي صورة من هذه الصور التي تسيء لذكرى بالاستقلال اهتدت مصالح بلدية حمادي كرومة في سكيكدة، إلى
حل مناسب تماما، وهي عدم الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة التي اسقط فيها الشعب
الجزائري أسطورة المستعمر الغاصب ومرغ انفه في التراب !!، حيث غابت كل
مظاهر الاحتفال في شوارع هذه المدينة وأريافها وكأنها بلدية غير متواجدة على
التراب الجزائري، أو كأنها غير معنية بتضحية مليون ونصف مليون شهيد التي جعلتها
تعيش في كنف الحرية والاستقلال لأزيد من 56 سنة كاملة !
ثلاث صور
كانت كافية لتسيء لنصاعة منجز الاستقلال الذي يبقى ليس مجرد معازف ومظاهر للاحتفال
والرقص والغناء فقط وبقات ورد، الاستقلال شيء عظيم دفع فيه أبائنا وأجدادنا الغالي
والنفيس لكي نكون أحرارا وندافع نحن أيضا على هذا المنجز الاستثنائي، ونحافظ عليه
بكل ما نملك من قوة، نحن جيل الاستقلال.. حلم الشهداء أن نكون بوضعية أحسن مما كانوا
هم عليها خلال فترة الاستعمار، وبالتالي على المسؤول المحلي القريب من المواطن، أن
يعرف أن هذا الأخير سيكون سعيدا باحتفاله باستقلال بلده لو أنه يُخدمه بشكل جيد وتقدم
له كل ضروريات الحياة والعيش الكريم، وليس باستغلاله من خلال حمل باقة ورد للترحم
على أرواح الشهداء وهي أغلى بكثير من النعل الممزق الذي يرتديه !
|
|
|
أحمد لعلاوي |
|
|
|
|
التعليقات المنشورة تعبر عن رأي
أصحابها
|
|
كن أول المعلقين
|
|