|
إيمانيات
::: الدين النصيحة ::: يوم :2016-06-16
|
|
الدين النصيحة |
|
|
(ولله عتقاء من النار.. وذلك كل ليلة)
إن للنصيحة في ديننا مكانة سامية ومنزلة عالية، كيف لا
وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مفهوم النصيحة مساوياً للدين كله
فقال: (الدين النصيحة)، ولعل النصيحة تنطلق أساسًا من حُب الناصح لمن
حوله وشفقته عليهم ورغبته في إيصال الخير إليهم ودفع الشر والمكروه
عنهم، ولهذا قال ابن الأثير: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي:
إرادة الخير للمنصوح له. وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة
على أصحابه ببذل النصح للمسلمين، قال جرير بن عبد الله: (بايعت رسول
الله عليه الصلاة والسلام على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل
مسلم). ومن كان باذلاً للنصيحة راغباً في إيصال الخير إلى الناس
فهو من خلفاء الله في الأرض كما قال الحسن رحمه الله: ما زال لله تعالى
نصحاء، ينصحون لله في عباده، وينصحون لعباد الله في حق الله،
ويعملون لله تعالى في الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض.
النصيحة لمن؟
تكون النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم،
قال الإمام ابن حجر رحمه الله: النصيحة لله وصفه بما هو له أهل،
والخضوع له ظاهرا وباطناً، والرغبة في محابه بفعل طاعته، والرهبة من
مساخطه بترك معصيته، والجهاد في رد العاصين إليه. والنصيحة لكتاب
الله تعلّمه، وتعليمه، وإقامة حروفه في التلاوة، وتحريرها في
الكتابة، وتفهم معانيه، وحفظ حدوده، والعمل بما فيه، وذب تحريف
المبطلين عنه، والنصيحة لرسوله تعظيمه، ونصره حياً وميتاً، وإحياء
سنته بتعلمها وتعليمها، والاقتداء به في أقواله وأفعاله، ومحبته
ومحبة أتباعه، والنصيحة لأئمة المسلمين إعانتهم على ما حمُلوا القيام
به، وتنبيههم عند الغفلة، وسد خلتهم عند الهفوة، وجمع الكلمة عليهم،
ورد القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي
هي أحسن. ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد، وتقع النصيحة لهم
ببث علومهم، ونشر مناقبهم، وتحسين الظن بهم، والنصيحة لعامة المسلمين
الشفقة عليهم، والسعي فيما يعود نفعه عليهم، وتعليمهم ما
ينفعهم، وكف وجوه الأذى عنهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره
لهم ما يكره لنفسه. وقال عبد الرحمن بن ناصر السعدي: النصيحة لله
ورسوله تكون بصدق الإيمان، وإخلاص النية في الجهاد والعزم عليه عند
القدرة، وفعل المستطاع من الحث والترغيب والتشجيع للمسلمين عليه. وأول
النصح أن ينصح الإنسان نفسه، فمن غش نفسه فقلما ينصح غيره.
الرسل أحرص الناس على نصح أقوامهم
لقد اجتهد الرسل أشد الاجتهاد في دعوة قومهم وحرصوا أشد
الحرص على هدايتهم، ولم يدخروا جهداً في نصيحتهم، فهذا نبي
الله نوح عليه السلام يقول لقومه: (ولكني رسول من رب العالمين،
أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم). وقد سار على طريقة نوح في بذل
النصيحة من جاء بعده من الرسل، فهذا هود يقول لقومه: (وأنا لكم ناصح
أمين). وقالها صالح: (ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين)، وقال
شعيب: (يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم). وقد شهد الصحابة
للنبي أنه بلغ رسالة ربه
ونصح لقومه، فعن جابر بن عبد الله ما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال -يعني لأصحابه- (وأنتم مسئولون عني، فما أنتم قائلون؟)
قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.
النصيحة حق المسلم على أخيه
عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذل النصيحة للمسلمين من
أعظم الحقوق حيث قال: (حق المسلم على المسلم ست) وذكر منها: (وإذ
استنصحك فانصح له). وقال صلى الله عليه وسلم: (وإذا استشار أحدكم أخاه
فلينصحه). وقد ضاعف الله أجر الناصح الأمين الذي يرجو بنصيحته خير
المسلمين، فعن عبد الله بن عمر ما قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (إذا نصح العبد لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين). وهو مِن
أول مَن يدخلون الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عُرض
عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد، وعفيف متعفف، وعبد أحسن
عبادة الله ونصح لمواليه).
|
|
|
|
|
|
|
|
التعليقات المنشورة تعبر عن رأي
أصحابها
|
|
كن أول المعلقين
|
|