يؤكد المهتمون بجمع الشهادات حول احداث ومجازر 8ماي 1945بأن ما وقع بقرية وادي
الشحم البعيدة بنحو 70 كلم عن عاصمة الولاية ما هو إلا صفحة واحدة من سجل كامل من المجازر
التي قام بها المستعمر الفرنسي ضد السكان العزل بالمنطقة بداية من يوم الثلاثاء 8 ماي1945
الذي نظم فيه شباب الحركة الوطنية مسيرة سلمية طالبوا فيها المستعمر بالوفاء بوعده
ومنح الاستقلال للجزائر.و تشير الوثائق التي بحوزة جمعية 8 ماي 1945 الولائية
التي تأسست سنة 1995 خصيصا لمحاربة ثقافة النسيان وجعلت شعارها لكي لا ننسى
وأعيد تجديد مكتبها مؤخرا, إلى أن ولاية قالمة قدمت أكثر من 18 ألف شهيد في حصيلة تقريبية
للمجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي وبقيت سياسة القتل والتصفية متواصلة لأكثر
من شهرين وهي خلاصة كل الشهادات التي جمعها الناشطون في الجمعية.
وهناك بعض المواقع التي أصبحت منقوشة في الذاكرة الجماعية لكل سكان الولاية
صغيرهم وكبيرهم على غرار فرن الجير الذي كان تابعا للكولون مرسال لافي
بمنطقة هيليوبوليس كان يستعمله في حرق الحجارة وتحويلها إلى مادة الجير لكنه حوله إلى
محرقة بشرية حقيقية أحرقت فيه جثث عشرات الأبرياء العزل المقتولين من طرف
الجندرمة والبوليس والمليشيات الفرنسية والذين تم تجميع جثثهم من أماكن كثيرة ونقلها
بواسطة شاحنات لحرقها.
و ببلدية هيليوبوليس كذلك يبقى موقع كاف البومبة شاهدا آخر على
الكيفية البشعة التي قتل بها عشرات الجزائريين رميا بالرصاص وترك جثثهم تنهشها الحيوانات
البرية أو ودفنها جماعيا خاصة وأن الموقع حسب الشهادات المكتوبة يضم 4 خنادق يتراوح
طولها ما بين 20 و25 مترا و في كل واحد منها ما يزيد عن 20 جثة.
و لكل موقع من المواقع قصص حزينة ومنها الجسر الصغير ببلدية بلخير،
حيث أعدمت عائلة بكامل أفرادها, فلم يسلم طفل
في ال12 سنة من العمر وأم حامل في شهرها السادس, وكذا حافة وادي سيبوس ببلدية بومهرة
أحمدن حيث قام الفرنسيون بقتل السكان و رميهم في الوادي إضافة إلى الثكنة القديمة بوسط
مدينة قالمة التي ما تزال بها بقايا المقصلة الحديدية التي أعدم بها المشاركون في المسيرة
السلمية زيادة على مواقع أخرى ببلديات لخزارة وعين العربي ووادي الشحم.
و تروي الشهادات التي قدمها من عايشوا تلك المجازر قبل رحيلهم وهي محفوظة حاليا
بمكتب الجمعية, العديد من القصص الأليمة لتلك الأحداث ومنها الطريقة الوحشية التي أعدمت
بها الزهرة رقي من طرف المليشيات الدموية بعد قطع أجزاء من جسدها تحت أعين أخويها محمد
وحفيظ, ثم أحرقت بفرن الجير, وكذا قصة السيد مومني الذي صلب وألصق جسمه بالحائط بواسطة
مسامير كبيرة داخل قسم الدرك الفرنسي بقالمة حتى الموت.
|