|
روبورتاج
::: مصلحة العلاج بالأشعة بالبليدة.. معاناة مرضى السرطان تتواصل ::: يوم :2020-02-04
|
أعطاب تمس العتاد.. سبب لتوقيف العلاج وتأجيل المواعيد |
مصلحة العلاج بالأشعة بالبليدة.. معاناة مرضى السرطان تتواصل |
|
|
مرضى ينتظرون لأكثر من سنة للحصول على موعد علاج
أطباء بالمركز: الجزائر لا تزال بعيدة فيما يتعلق التكفل بالمريض بالأشعة
يعيش مرضى السرطان الذين يقصدون مصلحة العلاج بالأشعة
التابعة لمركز مكافحة السرطان بالبليدة معاناة متواصلة بسبب بعد المواعيد
المقدمة لهم لإجراء حصصهم العلاجية نظرا للاكتظاظ الذي تشهده هذه المصلحة
وقلة وسائل العمل وقدمها، فبمجرد الوصول إلى مدخل هذه المنشأة الصحية
التي توفر علاوة على العلاج بالأشعة وكذا الكيميائي لمرضى السرطان،
العمليات الجراحية لهم، يلاحظ الزائر سلسلة السيارات المصطفة الحاملة
لترقيم مختلف ولايات الوطن الذين قصدوه بعد أن سئموا الانتظار لأشهر للظفر
بموعد للخضوع لجلسات العلاج بالمستشفيات العمومية. وتسجل قاعات الانتظار
اكتظاظا كبيرا للمرضى الذي أنهكهم المرض وطول انتظار العلاج حيث قال أحد
الشباب الذي كان يرافق والدته (87 سنة)
من ولاية تيسمسيلت أن أكثر ما يرهق المريض وعائلته هو مدة الانتظار،
مضيفا أن والدته التي تعالج من سرطان المعدة (انتظرت قرابة السنة
للحصول على موعد حصص العلاج بالأشعة). وقاطعته أخرى تعالج من سرطان عنق
الرحم من مدينة القليعة (تيبازة) قائلة (أودعت طلب توصية طبية للعلاج
بالأشعة في جويلية الماضي وتم تحديد بدء موعد العلاج خلال اليومين
الأخيرين رغم أنني أجريت العملية الجراحية منذ أشهر طويلة). كما ذكر
مريض آخر يعالج من سرطان الدم (60 سنة)
يقطن بقصر البخاري (المدية) أنه عانى الأمرين للحصول على موعد حيث
كان ينتقل باستمرار من قصر البخاري إلى البليدة بسيارات الأجرة
للاستعلام حول تحديد الموعد من عدمه وهذا يكلفه الكثير من المصاريف،
وقد تمكن في الأخير من الحصول على موعد العلاج بعد عشرة أشهر من
الانتظار. وطالب مرضى آخرون بإبلاغهم بمواعيدهم حين تحدد، عن طريق
الهاتف أو الرسائل القصيرة أو البريد الالكتروني لتجنيبهم عناء التنقل
خصوصا وأن معظمهم يقطنون بولايات بعيدة ويجبرون في كل مرة على القدوم
للمركز للاستعلام فقط حول الموعد مثلما هو الشأن لمريضة تقطن بولاية
باتنة.
بروفيسور حوري: الجزائر لا تزال بعيدة فيما يتعلق التكفل بالمريض بالأشعة
وبدورها، ذكرت البروفيسور حوي مسعودة، طبيبة مختصة في الأشعة بذات المصلحة، أن هذه الأخيرة تستقبل ما لا يقل عن 500
رسالة توصية طبية أسبوعيا لتحديد مواعيد إجراء حصص العلاج بالأشعة،
وذلك عقب إجراء هؤلاء المرضى لعمليات معقدة يتمثل أغلبها في استئصال
الورم ويتطلب العلاج بالأشعة بعدها مباشرة. وتضيف أن العملية العلاجية لا
تتم مثلما يحدده الطبيب أو يرغب فيه المريض بسبب قوائم الانتظار
الطويلة جدا بالمصلحة والتي تتطلب التكفل بالمرضى الذين تم تحديد مواعيد
لهم ليحين دور المرضى المسجلين في القائمة، مشيرة إلى أن الانتظار
يتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر. وقالت المختصة أن الانتظار الذي
يدوم أشهر طويلة يجعل حياة المريض في خطر لان بعض أنواع السرطان كمرض
(هوتشكين) يتطلب إجراء العلاج بالأشعة في مدة أقصاها ثلاثة أسابيع
بعد إجراء العملية الجراحية إلا أن (المريض غالبا ما يتلقى حصصه
العلاجية بعد أكثر من أربعة أشهر وهوما يضر بصحته كثيرا). وأكدت
البروفيسور حوي إلى أنه رغم تقليص مدة الانتظار في السنوات الأخيرة
بعدما كانت تفوق السنة من قبل) إلا أن (الجزائر لا تزال بعيدة عن
التوصيات الدولية المعمول بها فيما يتعلق التكفل بالمريض بالأشعة ولهذا
يتوجب التفكير في حلول مستعجلة لمواجهة هذه الوضعية).
حصص العلاج بالأشعة تسجل اكتظاظا كبيرا
من جهته، قال رئيس مركز مكافحة السرطان، عمار طاباش،
أنه يتم التكفل بالمرضى في الوقت المناسب بجميع مصالح المركز (مصلحة
طب الأورام ومصلحة العلاج الكيميائي ومصلحة الجراحة ومصلحة أمراض الدم)
ويتم إجراء العمليات الجراحية والعلاج الكيميائي في وقتها المحدد،
ما عدا حصص العلاج بالأشعة التي تسجل اكتظاظا كبيرا ما يستدعي إعطاء
المرضى مواعيد متأخرة.
تجديد الوسائل المادية وتدعيم المصلحة بالموارد البشرية.. ضروري
واعتبر طاباش أن تجديد الوسائل المادية وتدعيم مصلحة العلاج
بالأشعة وبالموارد البشرية المؤهلة أصبح أولوية قصوى، مشيرا إلى أن
المصلحة تحتوي على ثلاث مسرعات كلها قديمة تم اقتناؤها في سنة 2006
وتجاوزت عمرها الافتراضي المقدر بعشر سنوات ويمكن أن تتوقف في أي
وقت ورغم هذا نعمل بها ونحملها فوق طاقتها، منوها إلى أن المصلحة أجرت
خلال السنة الماضية 30.032 حصة علاجية. وكشف مدير المركز عن تلقي وعود من الوزارة الوصية سنة 2019
باقتناء مسرع جديد خلال السنة الجارية وهو الأمر الذي سيساهم كثيرا في
تخفيف الضغط عن مصلحة العلاج بالأشعة والتقليل من معاناة وآلام المرضى
في آن واحد، كما قال. غير أن طاباش أشار إلى ضرورة أن يكون المسرع
الجديد مرفوقا بطاقم عمل جديد لتشغيله لأن المصلحة تعاني نقصا في مجال
الأطقم الطبية والأعوان شبه طبيين وهو المشكل الثاني الذي يسجله مركز
مكافحة السرطان. وفي هذا السياق، أكدت البروفيسور حوي، طبيبة مختصة
في الأشعة بذات المصلحة، على ضرورة تجسيد الرؤية الجديدة التي
طرحتها الحكومة مؤخرا والمتمثلة في ربط علاقة وطيدة بين الجامعة ومختلف
القطاعات وتكوين طلبة حسب طلب واحتياجات المؤسسات.
علاج أكثر من 200 مريض يوميا بعتاد قديم
وقالت أنه (كلما تقوم مصلحة العلاج بالأشعة بتوظيف مختصين
نجد صعوبة في تكوينهم الذي يدوم من ستة أشهر إلى سنة لأنهم تلقوا في
الجامعة تكوينا نظريا عاما، وذلك على حساب وقت الطبيب والمريض)،
مشددة على ضرورة خلق اختصاص يسمى مهندس فيزيائي في العلاج بالأشعة
يلقن خلاله الطالب تكوين نظري وتطبيقي في الجامعة ويكون جاهزا للعمل
مباشرة. كما اعتبر جمال كبير، إطار في الصحة بمصلحة العلاج بالأشعة
أن المسرعات الثلاث تعمل فوق قدرتها المحددة. وقال: (نعالج أكثر من 200 مريض يوميا بدل 100
مريض، ناهيك عن الأعطاب التي غالبا ما تتعرض لها هذه الآلات مما
يجبرنا على التوقف وتأجيل قائمة المرضى وجعلهم ينتظرون لمدة أطول).
وأضاف أن (وقت توقف الآلات يتسبب في ضياع وقت وصحة المريض حيث نكون
مجبرين على انتظار قدوم تقنيوالمؤسسة (أجنبية ذات حقوق جزائرية) التي
يربطنا عقد عمل معها لإصلاحها علما أن هؤلاء لا يعملون في نهاية
الأسبوع وهو ما يعقد المشكل أكثر فأكثر). ويرى كبير ضرورة تكوين تقنيين
جزائريين وتوظيفهم في المركز للتدخل فور وقوع الأعطاب لأنه (من غير
المعقول شراء آلات بملايير الدينارات وعدم تكوين مختصين في صيانتها).
من جهته، تأسف بن عبد الله سيد أحمد، منسق طبي بذات المصلحة، لكون
المريض يتوسل في الكثير من الأحيان طلبا للعلاج، مؤكدا أنه (على
الدولة التكفل بعلاج المريض وتوفير كافة الوسائل المادية والبشرية اللازمة
لتأمين حصص العلاج له من جهة وتخفيف الضغط عن مركز البليدة من جهة أخرى).
أطباء مركز بليدة يدعون لانجاز مراكز علاج السرطان جديدة
وترى البروفيسور حوي أن مرضى السرطان في ارتفاع مستمر. فعلى سبيل المثال عالجت مصلحتها خلال السنة الماضية 1002 حالة لسرطان الثدي مقابل 965
خلال السنة التي سبقتها وهو ما يتطلب توسيع الهياكل الخاصة بعلاج هذا
المرض وإنشائها في المناطق التي تسجل انتشارا أكبر للمرض (شمال
البلاد). واعتبرت انه (من غير المعقول بناء مركز لمعالجة السرطان في
ولاية أدرار وتجهيزه بأحدث الوسائل العصرية في الوقت الذي لا تسجل
فيه المنطقة عددا كبيرا للمرضى خصوصا مع رفض الأطباء الانتقال للعمل
هناك). ودعت في هذا الصدد إلى إعادة مراجعة المخطط الوطني للسرطان
والقيام بدراسة تحليلية شاملة لتحديد مناطق كثافة المرض بإشراك المختصين
في المجال في اتخاذ القرار بشأن أماكن انجاز مراكز علاج السرطان التي
يجب أن يكون معظمها في الشمال لتخفيف الضغط على المركز الموجودة خصوصا
مركز البليدة.
القطاع الخاص.. خيار حتمي لمرضى السرطان
يسجل مركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانس فانون بالبليدة ضغطا
رهيبا بسبب العدد الكبير للمرضى الذين يتوافدون عليه من مختلف ولايات
الوطن ما انعكس على نوعية الخدمات الصحية المقدمة ودفع العديد منهم إلى
اللجوء إلى العيادات الخاصة لتلقي العلاج. وتعتبر البليدة أولى
الولايات التي تدعم قطاعها الصحي سنة 2011
بأول مركز طبي خاص متخصص في علاج الأورام السرطانية الذي يستقبل
حاليا مرضى السرطان من مختلف ولايات الوطن بعد أن طال انتظارهم للظفر بموعد
لتلقي العلاج الكيميائي والإشعاعي بمركز مكافحة السرطان التابع
للقطاع العام. ولنفس الأسباب، اضطر أحمد المصاب بسرطان القولون إلى
استهلاك جميع مدخراته للتكفل بزفاف ابنيه لدفع تكاليف العلاج وهذا بدعم من
أفراد عائلته مستذكرا بأسى المعاناة التي لقيها طيلة رحلة علاجه بمركز
مكافحة السرطان بمستشفى فرانس فانون لا سيما ما تعلق منها بصعوبة الظفر
بمواعيد العلاج.
دعوات إلى تكفل الدولة بتعويض جلسات العلاج الكيميائي والإشعاعي بالعيادات الخاصة
وعبر مختلف المرضى سواء بهذه العيادة الخاصة أو بمركز مكافحة
السرطان بمستشفى (فرانس فانون) عن أملهم في إدراجهم ضمن قائمة
المتكفل بهم من قبل وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، لتمكينهم من
الاستفادة من الخدمات الصحية التي يقدمها الخواص لا سيما ما تعلق بتعويض
تكاليف العلاج الكيميائي والإشعاعي. وأكد مدير العيادة الخاصة،
البروفيسور محمد عفيان، على ضرورة إدراج اقتراح تكفل الصندوق الوطني
للضمان الاجتماعية بتعويض مختلف الأعباء المالية التي تكلف مرضى السرطان
طيلة فترة علاجهم لا سيما جلسات العلاج بالأشعة والكيميائي وهذا ضمن
ورقة طريق الاستراتيجية المستقبلية لمكافحة هذا المرض الخبيث. وأضاف
الطبيب الذي ترأس سابقا اللجنة الوطنية للسرطان، أن العيادة الخاصة
التي يديرها تستقبل يوميا نحو20 مريضا
يخضعون لجلسات العلاج الكيميائي أي أقل من قدرة استيعابها، وذلك
بسبب التكاليف المرتفعة التي لا يمكن لأغلبية المرضى تحملها، مضيفا
أن تكفل الدولة مستقبلا بتعويض تكاليف علاجهم سيسمح لشريحة كبيرة من
المؤمنين الاستفادة من العلاج بالعيادات الخاصة لتخفيف الضغط على المراكز
العمومية. من جهته، دعا رئيس جمعية بدر لمساعدة مرضى السرطان، مصطفى
موساوي، إلى إدراج الثدي الصناعي ضمن قائمة الأدوية والمستلزمات
الطبية والأعضاء الاصطناعية التي يتم تعويضها (سعره يتراوح ما بين 15000 و20.000
دج) اقتداء بالعديد من الدول المتقدمة خاصة وأن الوضعية المادية
لأغلبية المريضات لا تمكنهن من اقتنائه في ظل مصاريف العلاج التي تثقل
كاهلهن.
|
|
|
آمال. ن |
|
|
|
|
التعليقات المنشورة تعبر عن رأي
أصحابها
|
|
كن أول المعلقين
|
|